الخميس، 2 فبراير 2012

اعترافات قس إسباني يشيب لها الولدان

التاريخ القريب والبعيد لأوروبا تاريخ بشع من الناحية الإنسانية والأخلاقية إلى درجة لا تصدق، فهو طافح بالمذابح الجماعية الرهيبة، وبالتطهير العرقي الظالم. والغريب أنهم يتناسون تاريخهم القريب الحافل بالاستعمار والمظالم والمذابح، وينسون تاريخهم البعيد الحافل بكل أنواع القسوة والوحشية التي تتجاوز الخيال الإنساني، ولا يتورعون عن اتهام المسلمين بإيقاع المذابح، مثلما يتم الآن اتهام الدولة العثمانية بأنها قامت بعملية تطهير عرقي للأرمن في أثناء الحرب العالمية الأولى ، وهو اتهام باطل تاريخياً.  وقد قامت الحكومة التركية الحالية بدعوة الأرمن والدول الأخرى التي تزعم وقوع مثل هذا التطهير إلى تأليف لجنة عالمية لبحث هذا الموضوع بحثاً علمياً مستنداً إلى الوثائق التاريخية، والكف عن جعل هذه القضية لعبة سياسية في يد اللوبي الأرمني في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا ، وفي دول أوروبية أخرى، ولاسيما قبيل الانتخابات البرلمانية في هذه البلدان.


ولبيان الحقيقة، هذه شهادة تاريخية يستعرضها كتاب تاريخي قديم كتبه رجل دين إسباني في أواسط القرن السادس عشر، كان شاهداً على المذابح التي قام بها الإسبان بعد اكتشافهم قارة أمريكا على يد "كريستوفر كولومبس".  الكاتب هو القس الإسباني (Bartolomede de Las Casas ) واسم الكتاب "مذبحة الهنود الحمر".  ولد الكاتب في مدينة "أشبيلية"Sevilla في إسبانيا عام 1484م. وعندما بلغ الثامنة عشر من عمره أبحر مع الإسبان إلى "العالم الجديد" وهناك شاهد بأم عينيه المذابح الوحشية التي أوقعها الإسبان بالسكان المحليين في قارة أمريكا، أي بأصحاب تلك الأرض، وارتاع من شدة ما رآه هناك من فظائع يندى لها جبين الإنسانية، فكتب كتابه هذا عام 1542م وأهداه إلى الملك فيليب الثاني لكي يطلعه على ما حدث هناك من وحشية.

سماحة سكان أمريكا الأصليين :
 يصف الكاتب السكان المحليين فيقول: "الناس في منطقة "هاسبانو" (أي هايتي اليوم) أناس بسطاء وطيبون لدرجة كبيرة... صبورون، ومتواضعون، وسذج جداً، ومطيعون... بعيدون عن الشرور، وعن الحيل، والخداع... وهم يبدون التزاماً كبيراً بتقاليدهم ، ويطيعون الإسبان... لا يتنازعون ولا يتقاتلون، ولا يحملون حقداً على أحد... لا تجد عندهم مشاعر الانتقام والحقد والعداء... هم فقراء جداً، ولكنهم لا يحملون مشاعر الطمع والحرص والنهم... يسير أكثرهم عراة إلا ما يستر عورتهم، ويلفون حول أجسادهم قطعة صغيرة من القماش".  ويضيف: "ما إن رأى الإسبان هذا القطيع الوديع من السكان المحليين حتى هجموا عليهم هجوم الذئاب المسعورة الجائعة، وهجوم النمور والأسود التي لم تذق طعم اللحم منذ مدة طويلة على قطيع الغنم ، ولم يتوقف هذا الهجوم فيما بعد، بل استمر على المنوال نفسه حتى اليوم ، لم يقم الإسبان هناك بشيء إلا بقتل وتقطيع أوصال السكان المحليين وتعذيبهم وظلمهم"

إبادة 12 مليون " والآن لنأت إلى الأرقام التي يعطيها هذا الشاهد الإسباني عن المجازر التي قاموا بها: "عندما احتل الإسبان جزيرة "هيسبانولا"Hispaniola (هاييتي) كان عدد السكان المحليين فيها 3 ملايين نسمة تقريباً ، أما اليوم فلا يعيش منهم سوى 200 فرد ، أما جزيرة كوبا فهي في حالة يرثى لها، ولا يمكن العيش فيها، مثلها في ذلك مثل جزر "بورتوريكا" و"جامايكا".  ثم يقول: " نتيجة للظلم الذي اقترفه المسيحيون هناك خلال أربعين عاماً، والمعاملة غير الإنسانية مات أكثر من 12 مليون شخص بينهم العديد من النساء والأطفال حسب أكثر التخمينات تفاؤلاً. أما تخميني الشخصي الذي أراه أكثر صواباً فهو موت 15 مليون شخص ، ولي أسبابي المعقولة في هذا الخصوص ".

نظرة وحشية :
 هل يستطيع إنسان أن يشترك في قتل كل هذا العدد من الناس وهم مثله في الإنسانية؟ ! ماذا كانوا يتصورون؟ أكانوا يقتلون ذباباً أم صراصير؟! يقول القس الإسباني : إن الإسبان لم يكونوا ينظرون إلى السكان المحليين نظرهم إلى إنسان، بل كانوا يعدونهم أدنى حتى من الحيوان: "يا ليت الإسبان عاملوا هذا الشعب الساذج المطيع، والصبور معاملتهم للحيوان ، لم يعاملوهم حتى كحيوانات برية ووحشية، بل عاملوهم وكأنهم قاذورات متراكمة في الشوارع.  لم تكن لهؤلاء السكان المحليين أدنى قيمة في نظرهم ، لقد سار الملايين من هؤلاء إلى الموت دون أن يعرفوا ربهم بينما كان هؤلاء السكان المطيعون يعتقدون بأن الإسبان جاؤوا من الجنة ، وذلك قبل أن يصدموا بظلمهم وقسوتهم". كانت جزيرة هايتي هي الجزيرة الأولى التي شهدت قدوم الأوروبيين، لذا كانت الجزيرة الأولى التي أبيد سكانها عن بكرة أبيهم. 
ويشرح هذا القس أشكال التعذيب والقتل التي مارسها هؤلاء الوحوش فيقول: "دخلوا مناطق سكناهم بالقوة، وقتلوا كل من شاهدوه أمامهم... قتلوا الأطفال والشيوخ والنساء الحوامل، وحتى النساء اللائي ولدن حديثاً، ذبحوهن وقطعوا جثثهن، وبقروا بطونهن مثلما تبقر بطون الغنم، وبدؤوا يتراهنون: هل يستطيع أحدهم أن يشق رجلا إلى نصفين بضربة سيف واحدة؟ أم هل يستطيع أي واحد منهم بقر بطن أحدهم وإخراج أحشائه بضربة فأس واحدة؟!.  أخذوا الأطفال الرضع من أحضان أمهاتهم، وأمسكوا بأرجل هؤلاء الأطفال وضربوا رؤوسهم بالصخور ، وبينما كان بعضهم يقوم بهذا، كان الآخرون يضجون بالضحك ويتسلون ، رموا الأطفال إلى الأنهار وهم يصيحون: اسبح يا ابن الزنا!"هكذا إذن تصرف الأوروبيون المتحضرون!!!.

سادية : أما طرق تعذيبهم فتشيب من هولها الأبدان ، وهو يشرح كيفية تعذيبهم لزعماء وقادة هؤلاء السكان فيقول:"كانوا يثبتون قطعتين خشبيتين كبيرتين على الأرض، ثم يصنعون "شواية" معدنية ويثبتونها عليهما، ويأتون بأحد الزعماء ، أو بأكثر من واحد ، ويضعونهم على هذه الشواية ، ويوقدون تحتها ناراً ضعيفة، ويتركونهم يموتون ببطء وهم يئنون ويطلقون صرخات الألم.  وقد شاهدتهم مرة وهم يشوون أربعة أو خمسة من الزعماء المحليين ، وعندما أفسدت صرخاتهم نوم القائد في الليل أصدر أمره بخنقهم حالاً ليسكتهم ، ولكن رئيس فريق التعذيب الذي كان من أشد الظامئين إلى سفك الدماء لم يشأ قطع لهوه ولهو أصحابه بتعذيب هؤلاء وتمتعه بمنظرهم "وقد تعرفت على أقرباء له في مدينة Sevilla فيما بعد " لذا قام بوضع قطع خشبية بيديه في أفواه هؤلاء ليمنع صدور أي صوت منهم، ثم زاد من حدة النيران ؛ لأنه كان يريد قتلهم في الوقت الذي يرغب فيه.

الكلاب تشارك في إبادة الهنود الحمر: لقد شاهدت جميع هذه الفظائع بعيني ، وعندما بدأ بعض السكان المحليين بالهرب من ظلم ووحشية هؤلاء القتلة إلى الجبال قام هؤلاء القتلة بتدريب كلاب الصيد لتعقبهم ، كانت هذه الكلاب عندما تصل إلى أحدهم تهجم عليه وتفترسه ، لقد اشتركت هذه الكلاب بحصة كبيرة في مثل هذه المذابح " لا شك بأن القراء يشعرون بالقرف من قراءة هذه السطور مثلما أشعر أنا بالقرف من كتابتها ، ولكن لنتابع شهادة هذا القس الإسباني:"... في إحدى المرات عثرت مجموعة من الجنود الإسبان في إحدى الجبال على جماعة من السكان المحليين الذين كانوا قد تركوا قراهم وهربوا من ظلم الإسبان، ونزل هؤلاء الجنود من الجبل ومعهم 70 80 امرأة وشابة بعد أن قتلوا جميع الرجال ، وما أن سمع رجال القرى هذا النبأ حتى لحقوا بالجنود لاستعطافهم والتوسل إليهم ؛ ليتركوا النساء ليرجعن إلى أقربائهن ، ولكن الجنود لم يترددوا كثيراً إذ غرزوا سيوفهم في بطون النساء ، وبقروا بطونهن أمام أنظار هؤلاء الرجال الذين صرخوا من الألم.





ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

ترقيم الصفحات

جميع الحقوق محفوظة © 2013 سمفونية التاريخ ....
تصميم : يعقوب رضا