يهدف ليفي شتراوس اٍلى التخلي عن كتير من المفاهيم و المبادئ التي يعتبروها المفكرون الأوروبيون حقائق يقينية أو مسلمات ونستحضر هنا كافكرة تطور التاريخ وفكرة وحدة لاٍنسان والتاريخ والتفكير العلمي فقد نظر هؤلاء الى التاريخ باعتباره "متدرجا" وفي تقدم دائم من أدنى اٍلى أعلى والتفكير العلمي في رأيهم مرحلة متقدمة في ...مقابل "السحر ولأسطورة " ووحدوا بين لاٍنسان البدائي موقفا رافضا تقريبا للتاريخ لا من حيث أن التاريخ دراسة الماضي أو دراسة الأحداث البشرية الماضية بل من حيث هو "مقولة قلسفية كبرى " كانت لها أهمية عظيمة في القرن التاسع عشر.
اٍن نقد ليفي شترواس لفكرة "التطور التاريخي" لا تعني أنه يرفض العلوم المعاصرة من أجل اٍنقاد "الفكرالمتوحش " بل لديه ثقة مطلقة بما وصل اٍليه العلم المعاصر "الدي أصبح قادرا على معرفة العالم بصورة واضحة ولكنه ينتقد فلاسفة التاريخ والمفكرين الدين تحيزو ا اٍلى التاريخ فوقعو في لأ وهام اٍنه يرفض التصنيفات التقليدية للتطور أو التقدم في تاريخ الحضارات البشرية التي تقول بأن التاريخ مطرد وفي تقدم دائم نحو لأمام .وهده هي فكرة أصحاب "المدهب التاريخي " الدي يهدف اٍلى معالجة العلوم الاجتماعية و الوصول اٍلى قوانين في اٍمكانها أن تتنبأ بالمستقبل أو ما يسمى "بالتنبؤ التاريخي " هدا المدهب يدرس القوانين التي تسير التطور االتاريخي وفقا لها وكان لهدا التصور تأثير كبير على المجتمعات وسياساتها مند "هيرقليطس" اٍلى "أفلاطون" و"هيجل "وماركس" .
اٍن أصاحب " المنهج التاريخي " يعتقدون بأن البشرية في تقدم دائم وفي صعود مستمر نحو لأمام وهدا التقدم ناتج عن الاستفادة من الأخطاء التي يتم التخلص منها على مر الزمن لتصل البشرية اٍلى مستوى أرفع وأرفع.وبموجب هدا الرأي فاٍن البشرية قادرة على الوصو ل اٍلى الكمال ويبدو أن الدافع لهدا التصور هو تأتر بالتطور الدي يشهده الاٍنسان في الصناعة والعلوم الطبيعية وفي قوانينها .وعلى هدا تصور فلاسفة التاريخ بأن الحضارات البشرية مرت في تطورها بمراحل متدرجة من البدائية اٍلى المتحصرة وسترتقي أكثر في المستقبل ..أوضح مثال على دلك "التفسير الماركسي" للتاريخ فالماركسية ترى بأن المجتمع لاٍنساني قد بدأ من المشاعية اٍلى العبودية ثم لاٍقطاع والبورجوازية وثم الرأسمالية وبعدها لاٍشتراكية والشيوعية في نهاية المطاف .وكل مرحلة من مراحل المجتمع هي أرقى من سابقتها وأكثر تعقيدا في تنظيمها وهدا الرقي في التطور نحو لأحسن"حتمي" وفي التفسير الماركسي وأنه يشمل الجنس البشري كله وهو يحدت بسبب "الصراع بين الطبقات الاجتماعية " .
وفي هد الصدد نشير اٍلى رفض "كارل بوبر"للتفسير المتدرج للتاريخ على أساس أنه على يساعد على تنبؤ بالمستقبل بقوله 'فالتاريخ الدي يريد التاريخيون اعتباره وعلم لاجتماع علما واحدا لا يعود ببصره اٍلى الماضي فحسب بل يلقي به أيضا اٍلى المستقبل وعلم التاريخ بهدا المعنى يدرس القوى المؤثرة بوجه عام وقوانين التطور الاجتماعي بوجه خاص "..."اٍمكان قيام علم التاريخ اجتماعي يقابل علم الطبيعة النظري ولايمكن أن تقوم نظرية علمية في التطور التاريخي تصلح أن تكون أساسا للتنبؤ التاريخي"
وما يشبه هدا, يعتقد "أشلي مونتاغيوم" بأن العمليات التطورية لا تسير في خطوط مستقيمة من لأدنى اٍلى ماهو أكثر تطورا بقوله: "اٍن مفاهمينا حول التقدم والتطور والنشوء تجعلنا نفترض تلقائيا أن تطور بعد غيره في الزمن لابد لهدا السبب ان يكون أكثر تقدما ورقيا مما تطور قبله ثم قا دنا هدا اٍلى استنثاج منطقي هو أن ماكان أقل تطورا لابد أنه جاء قبل ما هو أكثر تطورا لدا كان الأقدم أكثر بدائية والأحدث أكثر تقدما ".
..فا ليفي شتراوس يريد أن يصل اٍلأى أن فكرة التدرج في الترقي الحضارات في التاريخ ليست صحيحة مادام العقل الاٍنساني واحد في جميع العصور وفي المجتمعات
اٍن النظر اٍلى التاريخ على أنه متدرج لا يمكن تقريره بسهولة صحيح أن العربات التي تدفع باليد أكثر بدائية من العربات التي تجرها الخيول .وهده لأخيرة أكتر بدائية من السيارات لكن من الصعوبة تطبيق نفس السياق على الحضارات البشرية أي أن ليفيى شتراوس لا يوافق على التفسير القائل بأن المجتمعات التي توصف بالبدائية "متدنية" في تفكيرها ومن ثم ارتقت البشرية انطلاقا منها ثم ارتقت اٍلى ماهي عليه الأن وبالرغم من أنه لا ينكر وجود مجتمعات بدائية " المجتعات البدائية موجودى بتأكيد في التاريخ وماضيها قديم قدم ماضينا اٍد اٍنه يرقى اٍلى أصول البشر ..لقد تعرضت في أثناء ألاف السنين اٍلى جميع أنواع التحولات ومرت في عهود الأزمات والرخاء وعهرفت الحروب والهجرات والمغامرات غير انها تخصصت في سبيل غير السبل التي اخترنا ها ربما بقيت من بعض النواحي قريبة من شروط العيش القديم جدا وهدا لاينفي أنها تبتعد عنا من النواعي أخرى أكثر منا"
فالماضي ليسا تخلفا ولم تكن الشعوب في الماضي تمر بمرحلة "الطفولة " واٍنما كانت ناضجة حضاريا واٍلا يصبح باٍمكاننا أن نصف حضارة أوروبا وأمريكا الراهنة بعد مرور قرن من الزمن -على سبيل المثال -تمر بمرحلة الطفولة فلا يمكننا أن نصف المجتعات القديمة "الوحشية" مقارنة بالمجتمعات المعاصرة "فخلال عشرات وحتى مئات ألاف السنين ثمة كدلك أناس أحبوا وكرهوا وتأملو واخترعو وقاتلو"
في الحقيقة لا وجود للشعوب الطفلة كل الشعوب راشدة حتى تلك التي لم تكتب تاريخ ظفولتها وفتوتها " فلو رجعنا اٍلى الماضي لوجدنا "أن لانظمة السياسية الكبرى في أفريقيا القديمة وانجازاتها القانونية ونظرياتها الفلسفسة التي خفيت طويلا على الغربيين وفنونها التشكيلية وموسيقاها التي تستكشف بطريقة منهجية جميع الاٍمكانيات المتوفرة عبر كل وسيلة للتعبير كلها دلائل على الماضي وغاية الخصب"
كما يقول ليفي شتراوس أيضا"ومند تلاتة عشر قرنا مضت صاغ الاٍسلام نظرية تضامن من جميع أشكال الحياة الاٍنسانية التقنيةوالاقتصادية والاجتماعية والروحية التي لم يكتشفها الغرب اٍلا مؤخرا"
كما يحدر ليفي شتراوس من خطأ تصور بأن" التقدم جاء نتيجة تدرج في زمان من أدنى اٍلى أعلى لأن التقدم في رأيه يأتي بصورة "قفزات أو وثبات" تشبه قفزات أو ةثبات حصان الشطرنج في حركاته حيث أن قانون للعبة يجعل حركته قابلة لعدة احتمالات واتجاهات ونحو التقدم أو الاٍخفاق والنكسات أي ليس شرطا أن تكون الحركة في لاتجاه نفسه وكأن التقدم يسير بشكل مستقيم :
"اٍن لاٍنسانية في طريق تقدمها لاتشبه أبدا شخصا يصعد سلما مضيفا بكل واحدة من حركاته درجة جديدة اٍلى كل الدرجات التي قطعها "
وعلى أية حال اٍن حركة التاريخ تقسم بالتقدم والاٍخفاق فالتاريخ لا يتطور في اتجاه واحد -حسب ليفي شتراوس - واٍدى ظهرت حركة التاريخ في زمن ما سكونية أو تراجعية فاٍن دلك لا يعني أنها لم تمر بتحولات ثقافية مهمة .
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق